6 وسائل لوضع استراتيجية عمل في عام 2021

في ظل التحولات العالمية المتسارعة التي شهدها عام 2020، أدركت الشركات من جميع الأحجام أهمية التحول الاستراتيجي لضمان الاستدامة والنمو في بيئة مليئة بعدم اليقين. حيث فرضت التغيرات الاقتصادية، والتحولات الرقمية، وأزمة الجائحة واقعًا جديدًا يتطلب من القادة إعادة النظر في كيفية وضع استراتيجيات العمل وتوجيه المسارات التنظيمية بما يتلاءم مع التحديات والفرص المستجدة. في عام 2021، لم تعد الاستراتيجيات التقليدية كافية، بل أصبحت الحاجة ماسة إلى اعتماد وسائل أكثر مرونة وذكاءً لتطوير استراتيجية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الكبرى.

تتطلب استراتيجية العمل الناجحة في 2021 منهجية تستند إلى البيانات، وتحليلاً دقيقًا للواقع، وانفتاحًا على الابتكار، مع قدرة على التكيّف السريع والاستجابة للظروف المتغيرة. وفي هذا السياق، نقدم ست وسائل محورية يمكن من خلالها وضع استراتيجية عمل فعّالة ومواكبة لهذا العصر الجديد:

1. تحليل شامل للسوق وتقييم الاتجاهات الناشئة

لا يمكن بناء استراتيجية واقعية دون فهم دقيق لسياق السوق الحالي، وهو ما يجعل من تحليل الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية أساسًا لا غنى عنه. يشمل هذا التحليل مراجعة البيئة الخارجية باستخدام أدوات مثل تحليل PESTEL (السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، التكنولوجي، البيئي، القانوني) وتحليل القوى الخمس لبورتر لتحديد ملامح المنافسة والتهديدات الجديدة.

يشهد عام 2021 اتجاهات بارزة مثل:

• ازدياد الاعتماد على الخدمات السحابية والأتمتة.

• نمو الاقتصاد الرقمي.

• التحولات في سلوك المستهلك نحو القنوات الإلكترونية.

• تركيز أكبر على الاستدامة والمسؤولية البيئية.

من خلال هذه التحليلات، تستطيع الشركات تحديد مجالات النمو المحتملة وتفادي المخاطر المترتبة على تجاهل القوى المؤثرة في القطاع.

2. إعادة تعريف الرؤية والرسالة والأهداف وفقًا للواقع الجديد

تعد الرؤية والرسالة حجر الأساس في بناء الاستراتيجية، ولكن الظروف المتغيرة تستوجب أحيانًا إعادة النظر فيهما. ففي عام 2021، بات من الضروري مراجعة هذه الركائز الاستراتيجية والتأكد من مواءمتها مع الظروف الطارئة، مثل التغير في تفضيلات العملاء، والعمل عن بعد، والتحول الرقمي.

ينبغي أن تُصاغ الأهداف الاستراتيجية الجديدة بطريقة ذكية (SMART):

• محددة (Specific)

• قابلة للقياس (Measurable)

• قابلة للتحقيق (Achievable)

• مرتبطة بالنتائج (Result-oriented)

• محددة زمنياً (Time-bound)

كما يفضل تقسيم الأهداف على مستويات:

• أهداف استراتيجية طويلة الأجل.

• أهداف تشغيلية قصيرة الأجل.

• مؤشرات أداء رئيسية KPI لكل منها.

هذا الهيكل يعزز من قدرة الشركة على تنفيذ خطتها وفق مراحل واضحة ومترابطة.

3. تعزيز التحول الرقمي والبنية التكنولوجية

لا يمكن تجاهل أهمية التكنولوجيا في صياغة الاستراتيجيات الحديثة، خصوصًا بعد أن أصبحت الأعمال تعتمد بشكل متزايد على الحلول الرقمية. في عام 2021، يجب أن تكون التقنية محورًا أساسيًا في أي خطة استراتيجية، ليس فقط كأداة دعم، بل كمحرك أساسي للابتكار وتوسيع السوق.

تشمل الخطوات الاستراتيجية في هذا المجال:

• الاستثمار في نظم إدارة البيانات وتحليلات الأعمال.

• التحول إلى نماذج أعمال تعتمد على البرمجيات كخدمة (SaaS).

• تمكين فرق العمل من العمل عن بُعد بكفاءة عالية.

• استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتوقع احتياجات العملاء وتحسين الخدمات.

يشكل الأمن السيبراني كذلك عنصراً استراتيجياً لا يمكن إغفاله، في ظل تصاعد الهجمات الإلكترونية على المؤسسات.

4. التخطيط المالي المرن وإدارة المخاطر الاستباقية

استراتيجية العمل دون إطار مالي مرن أشبه ببناء سفينة دون مقود. بعد أزمة كوفيد-19، تبيّن أن العديد من المؤسسات لم تكن مستعدة ماليًا لمواجهة الظروف الطارئة، مما أدى إلى توقف أنشطتها أو تقليصها بشكل حاد.

في هذا السياق، يتطلب وضع استراتيجية 2021 اتباع آليات تخطيط مالي تتسم بالمرونة، وتتضمن:

• إنشاء خطط طوارئ متعددة السيناريوهات (Best, Moderate, Worst).

• تخصيص احتياطيات نقدية كافية لمواجهة التذبذبات.

• تقليل الاعتماد على مصادر دخل واحدة.

• تنويع المحفظة الاستثمارية.

• التفاوض المستمر مع الموردين والعملاء للحفاظ على التدفقات النقدية.

كما يجب أن تتضمن الاستراتيجية نظامًا فعالًا لإدارة المخاطر، يتنبأ بالمخاطر المحتملة، ويضع خططًا لتفاديها أو التخفيف من آثارها.

5. تمكين الموارد البشرية كعنصر استراتيجي محوري

لم تعد الموارد البشرية تُعامل كمجرد عنصر تنفيذي، بل أصبحت جزءًا أصيلاً من الاستراتيجية العامة للشركة. في ظل التغييرات التي فرضها العمل عن بعد والتنوع في بيئات العمل، أصبح من المهم إعادة النظر في استراتيجيات التوظيف، التدريب، والتحفيز.

ينبغي أن تتضمن الاستراتيجية:

• برامج تطوير قيادات المستقبل.

• خطط لإعادة تأهيل الموظفين وفق متطلبات المهارات الجديدة (Reskilling).

• ثقافة تنظيمية مرنة تحفز على الإبداع والتعاون.

• نظام تقييم أداء عادل وشفاف يرتبط بالأهداف الاستراتيجية.

• تحسين تجربة الموظف الرقمية من خلال منصات العمل الذكية.

الاستثمار في رأس المال البشري يُعد من أعظم الضمانات لنمو المنظمة ونجاحها المستدام.

6. تبني نماذج عمل مرنة (Agile Business Models)

في عالم يتغير بسرعة، باتت النماذج التقليدية للتخطيط والتنفيذ غير فعالة في مواجهة تحديات اليوم. لذا، يُعد التحول إلى نماذج عمل مرنة ومتجاوبة خطوة حاسمة ضمن استراتيجية 2021. يتميز هذا النموذج بقدرته على التجاوب مع التغيرات دون تعطيل سير الأعمال.

تشمل سمات النماذج المرنة:

• تقسيم الأهداف إلى مراحل Sprint قصيرة المدى.

• اجتماعات تقييم دورية (Retrospective) لتحسين الأداء باستمرار.

• تشجيع فرق العمل المتعددة الوظائف للعمل التعاوني.

• سرعة التفاعل مع تغيرات السوق والعملاء.

• اعتماد الابتكار كأداة مستمرة للتحسين.

تساعد هذه النماذج على تقليل الوقت المستغرق من الفكرة إلى التنفيذ، مع رفع معدلات التجربة والتعلم السريع.

جدول: مقارنة بين عناصر الاستراتيجية التقليدية والاستراتيجية الحديثة في 2021

في خضم التغيرات العميقة التي يشهدها العالم، لم تعد استراتيجيات الأم